الذكاء الاصطناعي وأدوات توليد المحتوى

آخر تحديث

02 نوفمبر 2024

تعد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي أحد التطورات الحديثة المهمة التي تؤثر بشكل كبير في كل جوانب الحياة والأعمال بما في ذلك توليد وتسويق المحتوى، إذ يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً لا يمكن تجاهله في مجالات تحرير وإنشاء أنواع مختلفة من المحتوى من خلال ما يقدمه من تقنيات متعددة أهمها المعالجة اللغوية الطبيعية والتعلم الآلي بالإضافة إلى القدرة الهائلة على التحليل وفهم النصوص.

في هذه المساحة، سنلقي نظرة على دور الذكاء الاصطناعي التوليدي Generative AI في تحرير وإنشاء المحتوى، وكيف يمكن أن يساعد ذلك في تحسين جودة المحتوى وتعزيز التفاعل مع الجمهور بالإضافة إلى استعراض بعض أهم الأدوات المستخدمة في توليد النصوص والصور والأنواع الأخرى للمحتوى.

التطور الزمني لنماذج الذكاء الاصطناعي

التطور الحاصل في توليد المحتوى الذي نشهده هذه الأيام لم يكن وليد اللحظة بل سبقته محاولات متعددة لتطوير هذه التقنية التي تعتمد على مجموعة من النماذج اللغوية كان لشركة OpenAI سبق الريادة في تطويرها.

تعتمد هذه التقنية على مجموعة من نماذج توليد المحتوى النصي والمرئي، وتعتبر سلسلة متحولات اللغة المسبقة التدريب Generative Pre-trained Transformers (GPT) بالإضافة إلى نموذج DALL-E المخصص لإنتاج الصور من أشهر النماذج المعروفة حالياً.

ما هو الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
هو فرع أو نوع من أنواع الذكاء الاصطناعي مهمته توليد أنواع مختلفة من المحتوى تشمل النصوص والصور وملفات الصوت والفيديو من خلال كتابة توصيف معين للمطلوب تنفيذه كمدخلات ليتم تحليلها وتنفيذها من طرف خوارزميات توليد المحتوى مثل chatGPT و DALL-E.

يعتبر الإصدار GPT-4 آخر الإصدارات في سلسلة GPT حيث يملك هذا الإصدار القدرة على توليد المحتوى من خلال تحليل الصور بالإضافة إلى النصوص المكتوبة كمدخلات، في حين يملك الإصدار DALL-E2 القدرة على إنتاج صور أكثر نقاء ودقة مقارنة بالإصدارات السابقة له.

بالطبع لا يفوتنا الإشارة إلى أن مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي تزداد تنوعاً يوماً بعد يوم لتشمل مجالات الطب والصحة والاقتصاد والفضاء وغيرها من مجالات الحياة المختلفة، وتمتد كذلك لتشمل مجالات التسويق الإلكتروني المختلفة وتوليد المحتوى بمختلف أنواعه.

أهمية الذكاء الاصطناعي في تحرير المحتوى

يقدم الذكاء الاصطناعي فرصاً لا حصر لها في مجال تحرير المحتوى، فبفضل التطورات الحديثة في تقنيات المعالجة اللغوية الطبيعية والتعلم الآلي، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كم ضخم من النصوص وفهمها بشكل متقدم واستخدامها في توليد المحتوى المناسب وتنظيمه بشكل أفضل يتناسب وطلبات المستخدمين له.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون عاملًا رئيسيًا في تحسين التفاعل مع الجمهور، فهو يساهم في تحديد احتياجات واهتمامات الجمهور، ويقدم محتوى مخصص ومتجدد بناءً على تحليلات خوارزمياته المتقدمة وبالتالي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز تفاعل الجمهور مع المحتوى المقدم ويزيد من فرص التفاعل والانتشار.

يمكن للذكاء الاصطناعي فعل التالي:

1. المساعدة في توليد المحتوى

علاوة على دور الذكاء الاصطناعي في تحرير المحتوى، يمكنه أيضًا تعزيز عملية إنشاء المحتوى بشكل كبير.

فبفضل قدرته على تحليل البيانات والمعلومات بسرعة ودقة، يستطيع الذكاء الاصطناعي توليد أفكار وإرشادات قيّمة للكتاب والمؤلفين وغيرهم من صناع المحتوى، ويمكنه أيضًا إجراء أبحاث شاملة في ثوانٍ معدودة وتوفير مصادر موثوقة لدعم الأفكار والتحقق من صحة المعلومات.

2. التنوع في المحتوى

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في إنشاء محتوى متنوع وجذاب من خلال تحليل اهتمامات الجمهور ومتابعة نماذج تفاعلهم مع هذا المحتوى.

يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في توليد محتوى متنوع يشمل إنشاء مقاطع فيديو مؤثرة، وصور مبتكرة، ومقالات مثيرة للاهتمام، وغيرها من أشكال المحتوى التفاعلي.

3. تحسين الجودة والاقتصاد في التكلفة

تُعد جودة المحتوى من أهم العوامل التي تؤثر في تجربة القراء، وباستخدام الذكاء الاصطناعي في تحرير وإنشاء المحتوى، يمكن تحسين جودته وتكييفه وفق الشريحة المستهدفة.

يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل نماذج المحتوى التي سبق نشرها، وتحديد العناصر الرئيسية التي تحقق نجاحاً، مثل العناوين الجذابة والصور الملهمة والأفكار المبتكرة وإعادة البناء عليها لتحقيق المزيد من النجاح.

علاوة على ذلك، فإن الاستثمار في مثل هذه الأدوات قد يوفر الكثير من المال الذي تتطلبه عمليات إنتاج المحتوى التي تعتمد على العنصر البشري إلى حد كبير، وتوجيه قدرات هذا الذكاء في توفير المحتوى المناسب لعمليات التسويق من نصوص وصور وغيرها من متطلبات التسويق فتتيح بذلك الفرصة أمام العنصر البشري للمزيد من الاستثمار في عوامل تطوير وإدارة النشاط التجاري الضرورية الأخرى.

4. تحسين تجربة المستخدم

توفر التقنيات المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي فرصًا مثيرة لتحسين تجربة القراء وزيادة فاعلية المحتوى، إذ بفضل الذكاء الاصطناعي يمكن:

  • تحليل سلوك القراء واكتشاف اهتماماتهم ومتطلباتهم الفردية، ومن خلال فهم أفضل للجمهور، يمكن تقديم المحتوى الذي يستجيب لاحتياجات القراء بدقة أكبر.
  • توفير تجربة قراءة مخصصة ومبتكرة من خلال توليد المحتوى الديناميكي والتفاعلي المستوحى من مشاركات المستخدم واستفساراته – على سبيل المثال من خلال استخدام روبوتات المحادثة وأجهزة الاستجابة الذكية، وهذا يساعد في زيادة مشاركة القراء وتعزيز تفاعلهم مع المحتوى.

تتم عمليات التحليل من خلال جملة من البيانات تتمثل في الاستبيانات التي يشارك فيها المستخدم أو المحادثات المباشرة مع الأنشطة التجارية أو التعليقات والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي كمدخلات لتقوم برامج وأدوات الذكاء الاصطناعي لاحقاً بفحصها وتحليلها لتصميم تجربة مستخدم ناجحة.

الذكاء الاصطناعي ومجالات توليد المحتوى

تعد الأدوات المستخدمة في تحرير وإنشاء المحتوى بمساعدة الذكاء الاصطناعي أدوات حديثة ومتطورة تساهم في تحسين جودة المحتوى بشكل كبير، حيث تتنوع هذه الأدوات حسب نوع الوظيفة التي يمكن أن تقوم بها كالتالي:

  • توليد الكلمات المفتاحية
    واحدة من هذه الأدوات هي أدوات تحليل الكلمات المفتاحية، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد الكلمات الرئيسية الأكثر فاعلية في نجاح المحتوى ليتم التركيز عليها لإنتاج المحتوى المناسب.
  • توليد المحتوى النصي
    يعتبر مجال توليد المحتوى النصي بمختلف أنواعه من أهم المجالات التي ينشط فيها الذكاء الاصطناعي حيث تتنوع المخرجات في هذا النوع من النشاط لتشمل توليد المقالات والمنشورات والنصوص الدعائية وغيرها.
  • تصميم وإنتاج العروض التقديمية والشعارات والصور
  • إنتاج ملفات الصوت والفيديو
    توفر بعض أدوات الذكاء الاصطناعي خدمات تحويل الملفات النصية إلى ملفات صوت أو إنتاج ملفات فيديو تستخدم شخصيات رمزية عوضاً عن العنصر البشري باستخدام خوازميات معدة لهذا الغرض.
  • تعديل النصوص وتصحيح الأخطاء
    إلى جانب ذلك، تتوفر أدوات التحرير التلقائي التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين دقة الكتابة وتصحيح الأخطاء اللغوية.
صورة افتراضية لعلبة مع أوراق النعناع تم توليدها باستخدام برنامج Stable Diffusion
صورة افتراضية تم توليدها باستخدام برنامج Stable Diffusion

النتائج والتحسينات المتوقعة من استخدام الذكاء الاصطناعي في تحرير وإنشاء المحتوى

باستخدام التقنيات المتقدمة للذكاء الاصطناعي في تحرير وإنشاء المحتوى، يمكن تحقيق نتائج ملموسة وتحسين اداء العمليات الدورية. واحدة من النتائج المتوقعة هي الزيادة في فاعلية عملية إنشاء المحتوى، حيث يمكن للمحرر استخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد أفكار جديدة وإنشاء محتوى فريد ومبتكر.

علاوة على ذلك، من المتوقع أن يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى تحسين تجربة القراء، حيث ستتمكن من الوصول إلى المحتوى المناسب والملائم وفقًا لاهتمامات العميل الفردية، وبفضل تحليل سلوك القراء، يمكن تحسين الاستجابة لاحتياجاتهم ورغباتهم.

أدوات مجانية لتوليد المحتوى

نورد فيما يلي بعض الأدوات المهمة لتوليد المحتوى على سبيل المثال لا الحصر نظراً لتعددها وتنوع استخداماتها، وهذه أهمها:

ChatGPT

chatGPT عبارة عن روبوت محادثة آلية يمكن التواصل معه من خلال وصف المهمة المطلوب تنفيذها كمدخلات محددة ليتم الرد عليها من طرف هذه الأداة على هيئة محتوى متنوع يشمل الإجابات والشعارات والتغريدات ومنشورات المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها كثير.

تم تطوير هذه الأداة من طرف شركة OpenAI والتي بنيت على نموذج لغوي GPT3 يمكنه توليد نصوص لغوية طبيعية في مختلف المجالات.

لا تستخدم هذه الأداة في توليد الفيديو أو الصور ولكن يمكنها فقط تقديم أوصاف أو اقتراحات لأنواع الصور أو مقاطع الفيديو لاستخدامها في موضوع أو غرض معين.

تدعم هذه الأداة عدد كبير من اللغات بما فيها اللغة العربية وهي غير متاحة في كل الدول.

وهنا بعض النصائح لاستخدام روبوتات المحادثة لتوليد صيغ مختلفة من المحتوى النصي:

1. تحديد المطلوب إنجازه وبدقة

تحديد المطلوب إنجازه من عملية البحث وبدقة يختصر الوقت ويعطي نتائج أكثر دقة واختصاراً بعيداً عن الحشو الزائد الذي قد يظهر في رد الروبوت بسبب عدم صياغة المطلوب بشكل واضح.

يمكن تقسيم الأسئلة أو المطالب في حال تعددها إلى مهام صغيرة يمكن الاستفسار عنها أو تنفيذها على عدد من المراحل وبهذا تضمن دقة النتائج التي ستحصل عليها.

2. صياغة المطلوب بلغة حوار طبيعية
يبدي روبوت المحادثة قدرات كبيرة في فهم لغة الحوار الطبيعية ومن خلال صياغة المطلوب أو السؤال بشكل طبيعي ومباشر يمكن للروبوت الاستجابة بشكل مناسب كأن تطلب رسم شكل معين أو تستفسر عن سبب اختيار هذا العنوان دون غيره، ويمكنك كذلك تقديم المقترحات أو طلب إعادة صياغة رد بعينه.
باختصار، يمكنك التعامل مع روبوتات المحادثة كشريك أو محاور حقيقي للحصول على نتائج مميزة.

3. تحديد نمط المخرجات المطلوب
كالكلمات المستخدمة في لغات البرمجة، هناك العديد من الكلمات التي يفهم روبوت المحادثة من خلالها نمط و صيغة المخرجات المطلوبة من حيث الشكل والموضوع.

فمثلاً يمكن لطلب “اكتب وصف مطول عن الذكاء الاصطناعي على هيئة نقاط” أن ينتج وصف للموضوع مرتب على هيئة نقاط، في حين يمكن لطلب “اذكر لي أهم خمس مواقع للتواصل الاجتماعي يمكنني استخدامها لترويج علامتي التجارية مرتبة تنازلياً حسب عدد الزوار على هيئة جدول” أن ينتج قائمة المواقع مرتبة على هيئة جدول.

4. مراجعة المخرجات والتأكد من صحتها
نتائج أدوات الحوار ليس مثالية بالمطلق، وهي في حاجة إلى المراجعة سواء من حيث الصياغة اللغوية ودقة النتائج، وقد تتم عملية المراجعة من خلال إعادة طلب تحرير المادة مرة أخرى أو المراجعة والتحقق من النتائج وإعادة التحرير بصور فردية بمعزل عن الأداة للوصول لنتائج مرضية.

يوفر جوجل بارد Google Bard في نسخة بيتا حلول توليد المحتوى وهو متاح في عدد كبير من الدول إن لم يكن كلها كبديل عن chatGPT ذو الوصول المحدود.

واجهة أداة Google Bard لتوليد المحتوى

Canva

بالإضافة لما توفره منصة كانفا الشهيرة من إمكانيات متنوعة تتعلق بتحرير وإنشاء الصور والملصقات والعروض وغيرها، فهي أيضاً توفر بعض الخدمات التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل:

  • أنشاء صور من خلال مدخلات نصية عن طريق خدمة AI Image Generator.
  • خدمة Magic Design والتي تقوم على فكرة توليد صور مشابهة في محتوياتها لأي صورة يتم تحميلها لهذا التطبيق.
  • خدمة الممحاة السحرية Magic Eraser لإزالة مكونات محددة غير مرغوب فيها في الصور أو إزالة خلفياتها.

وغيرها من الأدوات المهمة في تصميم العروض ومعالجة النصوص.

Bing Image Creator

تم تطوير أداة توليد الصور من طرف شركة مايكروسوفت بالاعتماد على إمكانيات توليد الصور باستخدام الإصدار DALL-E 2 لإنتاج صور عالية الجودة من خلال كتابة وصف الصورة المطلوبة بشكل دقيق يشبه آلية إنتاج المحتوى النصي.

يمكن من خلال هذه الأداة إنتاج صور بناء على دقة الوصف المدخل، والذي ربما يعتبر العامل الأهم في مراحل إنتاج الصورة المطلوبة، بعدد من اللغات بما فيها اللغة العربية.

يمكن كذلك طلب تعديل الصور ومشاركتها كما يمكن تحميل الصور بصورة مجانية بشرط وجود حساب شخصي لك على مايكروسوفت.

هناك أيضاً عدد من المواقع المجانية الأخرى التي يمكن الاستفادة منها في إنتاج الصور مثل Lexica و Stable Diffusion.

واجهة Bing Image Creator

صورة إفتراضية لحبات من الليمون مع أوراق النعناع تم توليدها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي
صورة إفتراضية تم توليدها باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي باستخدام Bing Image Generator

الملخص والخاتمة

وقد تم تسليط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في تحرير وإنشاء المحتوى، يمكن أن نستنتج أن استخدام التقنيات المتقدمة للذكاء الاصطناعي سيسهم بشكل كبير في تحسين كفاءة وفاعلية عملية إنشاء المحتوى، كما سيسهم بتحسين تجربة القراء من خلال توفير محتوى ملائم وفقًا لاهتماماتهم الفردية.

هناك العديد من الأدوات المتاحة التي يمكن الاستفادة منها في تحرير المحتوى بشرط التمكن من التعبير عن المطلوب تنفيذه من هذه الأدوات بشكل دقيق، وهي تتفاوت في جودة المخرجات التي تقدمها وبعضها الآخر غير مجاني.

بعض المخرجات التي نتحصل عليها قد لا تكون دقيقة وقد تحتوى بعض الأخطاء وبالتالي لابد من مراجعتها والتحقق من صحتها للتغلب على هذا النقص في مثل هذه الأدوات.

وفي ختام هذا المقال، أود طرح هذا السؤال الذي يفرض نفسه بقوة وهو هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون البديل عن الإبداع والجهد البشري في مختلف المجالات التي ينشط فيها الآن؟

وسوم

حول الكاتب

حول الكاتب

سامي محمد بشير