التسعير: الأهداف وأهم الاستراتيجيات

آخر تحديث

16 نوفمبر 2024

يمثل عنصر التسعير، والذي سبق التطرق إليه كعنصر أساسي ضمن عناصر المزيج التسويقي، احد العوامل المهمة في نجاح عمليات بيع المنتج أو الخدمة.

المقصود بالتسعير هي العملية التي يتم من خلالها تحديد سعر منتج أو خدمة ما من طرف النشاط التجاري ضمن الخطة التسويقية لهذا المنتج، والتي تعتبر أحد المكونات الرئيسية في المزيج التسويقي.

صورة رمزية: الأهداف وأهم استراتيجيات التسعير

أهمية التسعير

تمثل قرارت التسعير أهمية حيوية قصوى ليس على مستوى المنتج في حد ذاته فقط بل على بقية الأنشطة الخاصة بهذا المنتج كالترويج والتطوير وأبحاث السوق، وذلك للأسباب التالية:

1. التسعير كمتغير مرن

يمكن إجراء تغييرات التسعير بسرعة وبدون أن يتطلب ذلك فترة زمنية طويلة إذا احتاج النشاط التجاري إلى إجراء بعض التغييرات في موضع المنتج أو لمواجهة أنشطة المنافس.

على العكس من ذلك، يمكن أن يستغرق تغيير المنتج أو تطوير خطوط الإنتاج أو قنوات التوزيع شهورًا وأحيانًا مدخلات ذات تكلفة عالية وبالمثل، قد تتطلب أي قرارات ترويجية إضافية مدخلات مالية جديدة.

على الرغم من أنه من المهم التخطيط لتغييرات الأسعار وتأثيرها على تصور العلامة التجارية والمنتج، إلا أنه يمكن تحقيق ذلك بشكل أسرع من أي تغييرات أخرى.

2. تحديد التسعير الصحيح

غالباً ما يتم التسعير من قبل فريق من الخبراء الذين يقضون الوقت في إجراء البحوث التي تأخذ في الاعتبار جميع متغيرات السوق والعلامة التجارية.

يجب اتخاذ أي قرارات تسعير للمنتج من خلال البحث والتحليل المناسبين والاطلاع على الأهداف الاستراتيجية للشركة والمنتج، إذ يمكن أن يؤدي اتخاذ قرار سريع جدًا باستخدام التقييم السطحي إلى نقص أو خسارة في الإيرادات.

كما يمكن أن يؤدي السعر الأقل من القيمة المتصورة إلى خسارة في الإيرادات الإضافية المحتملة والجمهور المستهدف الذي يحكم على جودة العلامة التجارية من خلال نقاط السعر، ويمكن كذلك للتقييم أو التسعير المرتفع أن يثني المتابعين عن اقتناء أو شراء هذا المنتج أو الخدمة في نهاية المطاف.

3. التسعير كمؤشر تقييم المنتج أو الخدمة

في بعض فئات المنتجات، سيشكل المستهلك تصوراً حول جودة المنتج وأهميته بمجرد معرفة السعر، وفي نهاية المطاف، قد يعتمد قرار الشراء من عدمه على القيمة المتصورة للمنتج بأكمله أو عرض المزيج التسويقي، ولكن هناك دائمًا خطر يتمثل في أن الانطباع الأول الناتج عن معرفة السعر هو الذي يؤدي في النهاية إلى نجاح أو فشل العرض المقدم.

4. التسعير كمفتاح لترويج المبيعات

غالباً ما تكون عروض ترويج المبيعات عبارة عن عرض قائم على السعر لفترة قصيرة مثل تخفيض النسبة المئوية أو عرض محدود ولفترة زمنية معينة، ويهدف هذا إلى إثارة الاهتمام بالمنتج أو الاستفادة من مناسبة أو حدث خاص.

إذا ماتم استخدم هذا التصور بحكمة فيمكن أن يكون أسلوب جيد لزيادة المبيعات، ولكن يجب على الشركة تجنب إغراء تقديم هذه الأسعار الخاصة بصورة متكررة، إذ في مثل هذه الحالة، سيؤجل المشترون شراء المنتج حتى ترويج المبيعات التالي والشامل لتخفيض الأسعار.

أهداف التسعير

قبل اتخاذ أي قرارات تسعير، يجب على الشركة تحديد ما ترغب في تحقيقه من خلال التسعير وغالبًا ما تتضمن هذه الأهداف ما يلي:

  1. زيادة الأرباح
    مع الأخذ في الاعتبار الإيرادات والتكاليف، قد ترغب الشركة في زيادة الأرباح بحيث يكون هذا الهدف هو أحد أهداف الشركة على المدى البعيد.
  2. زيادة حجم الإيرادات
    مع الإهتمام بصورة أقل بالأرباح، قد تركز الشركة على زيادة الإيرادات من أجل زيادة حصتها في السوق وخفض التكاليف على المدى الطويل.
  3. زيادة كمية السلع المباعة
    قد ترغب الشركة في بيع السلعة أو السلع بكميات أكبر لتقليل التكاليف على المدى الطويل.
  4. زيادة هامش الربح
    قد يكون الهدف الآخر هو زيادة هامش الربح لكل وحدة أو سلعة وعدم التركيز على العدد الإجمالي للسلع المباعة.
  5. الريادة والجودة
    قد ترغب الشركة في استخدام السعر للإشارة إلى الجودة العالية وإثبات نفسها كرائدة في مجال توزيع سلعة أو علامة معينة.
  6. الإسترجاع الجزئي للتكاليف
    إذا كانت المؤسسة لديها مصادر دخل متعددة، فقد لا تركز بشكل كبير على استرداد قيمة التكاليف بشكل كامل.
  7. البقاء في السوق
    في بعض الأحيان، أفضل ما قد ترغب الشركة في القيام به هو تغطية التكاليف والبقاء في السوق، فإذا كان السوق في حالة تراجع أو كان هناك الكثير من المنافسين، فقد يأخذ البقاء أولوية مؤقتة على الربح.
  8. المحافظة على سعر ثابت
    قد تكون هناك حاجة لتجنب المنافسة في الأسعار مع غيرها من الشركات التي تقدم نفس المنتج أو الخدمة، لذا قد تحتفظ الشركة بسعر ثابت لمواصلة مستوى ربح مستقر.

العوامل المؤثرة في التسعير

هناك العديد من العوامل الأساسية التي تؤثر على التسعير لجميع الشركات والصناعات تقريبًا، ويمكن تصنيفها على أنها عوامل داخلية وعوامل خارجية.

العوامل الداخلية

هذه هي العناصر التي تقع تحت سيطرة الشركة المنتجة أو المزودة للخدمة ومع ذلك، من المهم ملاحظة أنه على الرغم من أنها قد تكون داخل نطاق سيطرة الشركة، فقد لا يكون تغييرها بالسهولة التي تبدو عليها.

على سبيل المثال، قد تتطلب تغييرات عملية الإنتاج تكلفة كبيرة ووقتًا وإعادة تصميم للعملية.

  • التكاليف الثابتة والمتغيرة
  • أهداف واستراتيجيات الشركة
  • قطاعات السوق، وقرارات الاستهداف وتحديد المواقع

العوامل الخارجية

تُعرف تلك العوامل التي لها تأثير كبير على قرارات التسعير ولكن لا يمكن السيطرة عليها بالكامل من قبل الشركة باسم العوامل الخارجية، ونظرًا لأن هذه العوامل مهمة جدًا لطريقة التسعير فإنه يمكن للشركة ممارسة بعض التحكم من خلال إجراء تحليلات تفصيلية لفهم كيفية عمل هذه العوامل وتأثيراتها بعمق.

قد تشمل العوامل الخارجية مايلي:

  • المنافسين
  • سلوك السوق المستهدف والاستعداد للدفع من خلال الوضع الإقتصادي العام
  • القيود الصناعية والقيود والقوانين واللوائح المنظمة للتسويق بوجه عام

استراتيجيات ونماذج التسعير

هناك عدد من استراتيجيات التسعير التي يمكن للشركة استخدامها لبيع منتجها، وتعتمد التقنيات المستخدمة على الإستراتيجية التي تتبناها الشركة وأهدافها.

هذا سرد لبعض أهم استراتيجيات التسعير المعتمدة.

1. نموذج الدخول أو اختراق السوق Penetration Pricing

ويقصد به التسعير الأولي أو المبدئي المنخفض الذي يبدأ مع الدخول للسوق، ويتم تحديده لغرض التواجد بالسوق ولزيادة المبيعات وحصة السوق. يمكن القيام بذلك لإنشاء مركز في السوق مع منتجات مماثلة موجودة ومعروضة مسبقاً، وبمجرد إنشاء هذا المركز أو تحقيق غاية الإنتشار الأولى قد يتم اللجوء إلى رفع الأسعار لاحقاً.

2. النموذج المتغير (الكشط) Price Skimming

بغض النظر عن الترجمة والتي قد لا تصف المقصود بدقة، فإن هذه الإستراتيجية تعتمد على تحديد السعر الأولي بشكل مرتفع ثم اللجوء إلى تخفيضه في وقت لاحق وببطء.

مثل هذا الأسلوب سيسمح للشركة بتقديم المنتج على مراحل إلى طبقات أو شرائح مختلفة من العملاء.

غالبًا ما تتبع الشركات المنتجة للأدوات والأجهزة الإلكترونية والتكنولوجية هذه الإستراتيجية، إذ تبدأ البيع بسعر مرتفع جدًا يتم تخفيضه لاحقًا قبل إطلاق نموذج أو منتج مطور وجديد.

عادة ما يتم اللجوء إلى هذه الإستراتيجية في المنتجات الجديدة والتي تكون فيها المنافسة ضعيفة أو منعدمة، وكمثال على ذلك تحديد سعر بيع Playstation 3 بسعر 599 دولار بالسوق الأمريكي عند بداية البيع، ليتم تخفيض السعر إلى أقل من 200 دولار لاحقاً.

3. نموذج المنافسة Competition-based pricing

تعتمد هذه الإستراتيجية على جمع البيانات والمعلومات عن الأسعار التي تحددها الشركات المنافسة لمنتجات مشابهة وذلك لتحديد سعر بيع المنتج.

المسعر في هذه الحالة لا يعتمد على سعر التكلفة cost-plus pricing وكذلك قيمة المنتج ومزاياه value-based pricing.

السعر الناتج في هذه الحالة ليس بالضرورة أن يكون متطابق مع السعر الأقل بالسوق ولكنه قد يأخذ إحدى الحالات التالية:

  • سعر أعلى وذلك لخلق تصور أعلى جودة أو لاستهداف سوق متخصصة.
  • السعر نفسه لإظهار المزيد من الفوائد لنفس السعر.
  • سعر أقل لمحاولة كسب قاعدة عملاء أوسع.

4. نموذج منتجات من خط إنتاج واحد Product Line Pricing

عوضاً عن النظر إلى منتج واحد ومعرفة تكاليفه لتحديد سعره، تعتمد هذه الإستراتيجية على تسعير مجموعة من المنتجات وفي خط إنتاج واحد في إشارة إلى العلاقة بين هذه المنتجات، وتحديد سعرها بطريقة مكملة لبعضها البعض.

في خطوة عملية لتصور هذه الإستراتيجية يمكن وضع أسعار على سبيل المثال تمثل 3 شرائح من منتج إلكتروني ما، بحيث يمثل سعر الشريحة الأولى مواصفات عادية لهذا المنتج بينما تحمل الشريحة الثانية مواصفات أعلى من الشريحة الأولى وبسعر أعلى نسبياً، ثم تسعير الشريحة الثالثة والتي تمثل أعلى المواصفات في هذا النوع من الأجهزة الإلكترونية بسعر أعلى من المنتجين السابقين في نفس خط الإنتاج.

5. نموذج حزمة المنتجات Bundle Pricing

“اشتر واحدة واحصل على الأخرى مجاناً”.

شاهدت بالتأكيد مثل هذا العرض في مكان ما، وبهذه الإستراتيجية يمكن تجميع مجموعة من المنتجات معًا وبيعها بسعر مخفض.

6. النموذج النفسي Psychological Pricing

غالباً ما تقوم الشركة بإجراء تغييرات طفيفة على الأسعار لجعل العميل يعتقد أن سعر العنصر أقل مما هو عليه، وغالباً ما يُرى هذا في الأسعار التي تنتهي بـ 99. على سبيل المثال، سيتم النظر إلى سوق السلعة 199 على أنه أقرب في السعر إلى 100 من 200 أو هذا على الأقل الإنطباع النفسي الذي ينشاً لدى الزبون عند مشاهدة هذا السعر.

صورة توضح استراتيجية التسعير النفسي: بالرغم من الفرق البسيط بين السعرين الموضحين أعلاه، إلا أن السعر الأول إلى اليمين بعطي الإنطباع برخص قيمة المنتج مقارنة بالسعر الثاني كمثال عن إستراتيجية التسعير النفسي
التسعير النفسي: بالرغم من الفرق البسيط بين السعرين الموضحين أعلاه، إلا أن السعر الأول إلى اليمين بعطي الإنطباع برخص قيمة المنتج مقارنة بالسعر الثاني كمثال عن إستراتيجية التسعير النفسي

7. نموذج التكلفة المضافة Cost-plus pricing

هذه الإستراتيجية تعتمد في تحديد السعر على حساب سعر التكلفة مضاف إليه هامش ربح أو نسبة ربح، مع الأخذ في الإعتبار التغير في سعر التكلفة الذي يعتمد على عوامل أو قيم ثابتة والقيم الأخرى المتغيرة الداخلة في عملية الإنتاج.

8. النموذج القائم على قيمة المنتج Value-based pricing

عوضاً عن استخدام تكاليف الإنتاج كأساس في عملية التسعير فقط، هذه الإستراتيجية تنظر بعين الإعتبار للقيمة التي يمثلها المنتج في عين المستهلك وبالتالي تستند عملية تحديد السعر على جودة المنتج وخصائصه بالإضافة إلى السمعة التي تتمتع بها الشركة المنتجة، هذا بالإضافة إلي سعر تكلفة المنتج.

كمثال عن التسعير من خلال هذه الإستراتيجية، اللوحات الفنية التي نراها في المعارض مثلاً، فقيمة اللوحة لو حسبت فهي قد لا تتعدي حساب التكلفة من أدوات وألوان ووقت استغرقه الرسام في صناعة تلك اللوحة، لكن الواقع بالطيع يختلف، إذا تتعدي بعض اللوحات عتبة الألاف أو ربما الملايين لأن التقييم في هذه الحالة تعدى التكلفة الفعلية للوحة ليأخذ في الإعتبار القيمة الفنية للوحة واسم الفنان وتاريخه.

خاتمة

تناولنا في هذا المقال موضوع التسعير كأحد الركائز الرئيسية ضمن المزيج التسويقي، ومن خلاله يتم تحديد سعر المنتج أو الخدمة التي يسعى النشاط التجاري للترويج لها وبيعها، مع التأكيد على أن هذه العملية، التسعير، هي العملية الوحيدة ضمن مجموعة عمليات أو عناصر المزيج التسويقي التي يتم من خلالها تحقيق النجاح المالي عند تسويق المنتج أو الخدمة، لهذا يجب درس هذا القرار جيدا قبل وضعه موضع التنفيذ.

وسوم

حول الكاتب

حول الكاتب

سامي محمد بشير